مصر بيتنا

مصر بيتنا

الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

معارك حاسمات – الجزء الرابع


معارك حاسمات – ج4
يكتب:
محمود فرحات
باحث في علم المصريات ، عضو جمعية الاثار

في حياة الامم والشعوب ايام خالدات وفي حياة الأمة المصرية ايام مشرفة لشعبها وجيشها العظيم

معركة قادش

اسس تحتمس الثالث الامبراطورية الاولى والتي بلغت حدودها من جنوب تركيا وساحل الفرات شمالا حتى نباتا عاصمة بلاد النوبة العليا جنوبا بالاضافة لعدد من جزر البحر المتوسط دخلت ضمن مملكة مصر بفضل جيش واسطول مصر القويان

ولكن ذلك الحال لم يدوم طويلاً فقد تولى الحكم رجلاً اضاع هيبة مصر ومابناه اجداده وضحى في سبيلة ابناء وطنة فقد كان اخناتون مشغولاً بنشر دينه الجديد وتخبرنا رسائل العمارنه ان ممالك اسيا التي كانت ما تزال على ولائها لمصر ظلت تنادي ملك مصر وتتوسل اليه حمايتها او ارسال حامية من جيش مصر ولكن ملك مصر كان يتعبد ولم يهتم بما يخبئه القدر لمصر



ورغم محاولات حور محب ورعمسيس الاول وسيتس الاول بعد مقتل اخناتون لاعادة التوازن واستعادة هيمنه مصر على ممالك الشرق اتقاء لشرها الا ان ملوك وامراء اسيا كانوا قد ايقنوا ان مصر لم تعد بتلك القوة التي كانت عليها ايام تحتمس الثالث فكانت المؤامرة التي كان يتزعمها (موتلي) ملك (خيتا- بلاد الحيثين)

لم يحظى ملك من ملوك مصر بشهرة مثل الملك رعمسيس الثاني فهو أشهر ملوكها على الإطلاق، وهومؤسس الإمبراطورية الثانية في تاريخ مصر القديمة
فقد حكم رعمسيس الثاني خلفا لوالدة الملك سيتي الاول والذي كان قد عقد معاهدة سلام مع ملك (خيتا- الحيثين) ولم ينقض هذه المعاهدة رعمسيس عند توليه السلطة، فقد اهتم رعمسيس الثاني في بدايه عهد بانها جميع الاعمال المعمارية التي بدأها والده في ابيدوس والكرنك والقرنه..

ثم كانت الخطوة الثانية التي شغلت رعمسيس الثاني هى استغلال مناجم الصحراء، ولكن وفجأة وفي عام حكمة الرابع اصطدم بمملكة (خيتا) ولا ندري ما هو السبب وراء ذلك الصدام المبكر فربما كانت حملته لشمال سوريا هو توطيد سلطة مصر في تلك البقاع والاطمئنان على حاميات الموانئ وخطوط المواصلات
ثم في عام حكمة الخامس قاد حملة اخرى لشمال سوريا وتقدم بها ليسحق جيوش (خيتا)التي ألبت سكان سوريا للثورة على الحكم المصري وتجمع المتآمرين في قادش تلك المدينة المنيعة

لم يترك موتلي ملك خيتا اي وسيلة لمقاتله المصريين الا وسلكها فقد قام بتحريض الامارات الشمالية على التخلص من حكم المصريين والثورة على مصر وقد استخدم في ذلك الوعد والوعيد
جمع موتلي جنود كثيرة من المرتزقه من الامارات والشعوب التي انضمت الى حلفه لمقاتلة مصر حتى ان جنود من جزر بحر ايجة انضمت الى الحلف كل ذلك بجانب جيش بلاده وتقدم بهم نحو المدينة المحصنه قادش التي كان المصريين يحرصون ان تظل في قبضتهم لموقعها الاستراتيجي والهام

خرج رمسيس الثاني على رأس جيش كبير مكون من اربعة فيالق (فيلق امون- فيلق رع- فيلق بتاح- فيلق ست) وانضمت الية مملكة الاموريين وفرقة تدعى (نعرين) او (الصاعقة) وسيكون لها دور كبير في المعركة وحسمها كما سنرى


اتخذ رعمسيس الثاني وجيشة طريق الحربي القديم الذي سلكة من قبل آبائة وأجدادة في حملاتهم على سوريا في الماضي حتى وصل الى شمال بيروت حيث ترك لوحة تؤكد سيطرته على تلك البلاد عند نهر الكلب مؤرخة بالعام اخامس من حكمه
ثم اجة رعمسيس الثاني الى وادي نهر العاصي حيث استطاع الجنود المصريين اسقاط اثنين من جواسيس موتلي وبضربهما واستجوابهما عرفا منهما مكان تمركز الجيش الحيثي وحلفاؤه ولكن اتضح فيما بعد ان هذان الجسوسان كانا يضللان الجيش المصري، حيث ان موتلي قرر ان يعسكر خلف مدينة قادش ويوحي للجيش المصري بانه يفر من امامه وهكذا خدع رعمسيس الثاني وقرر عبور نهر العاصي قبل ان يكتمل تجمع الجيش المصري ظناً منه انه سيفرق جيش الحيثين الخائف
وبعد عبور فيلق امون وعند عبور فيلق رع للنهر هاجم الحيثين الجيش المصري وحاصروة واصبح الملك في مرمى سهام الاعداء، وفر الجنود المصريين من فيلقي أمون ورع وتشتتوا

ووسط المعركة انشد رعمسيس الثاني يترجى ربه ان ينقذه فقال:
ليس معي جندي ولا قائد.
مشاتي وقوات المركبات هجروني.
يا آمون العظيم..
لست الأب الذي يتخلى عن ابنه البار.
لقد حافظت على كل تعاليمك ونصائحك.
إنك لن تسمح لأجنبي بالاقتراب من سيد طيبة العظيم.
من هم هؤلاء الآسيويون بالنسبة لك؟
رجال أشرار لا يعرفون الله.
ألم أشيد من أجلك العديد من العمائر"المعابد"
إني أناديك يا أبي: أيا آمون في عُلاك.
إني وسط أعداء لا أعرفهم.
كل هذه البلدان تجمعت ضدي وجيوشي هجرتني.
لكني أناديك أيا آمون.
يا من أنت الأفضل..
من عشر ملايين جندي.
يا من أنت الأقوى..
من مئات آلاف من المركبات الحربية.
يا من أنت الأبرك..
من آلاف الإخوة والأبناء والأقارب وأهل البلاد.


وفي تلك اللحظات كانت النجدة كما تقص علينا المصادر المصرية فلحق بالجيش فيلقي بتاح وست كما لحقت بالجيش فرقة من الشباب الفلسطنين المجندين بالجيش المصري والمدربين تدريب عالي تدعى (نعرين) واجتمع لجيش مصر قوته من جديد وصد هجوم الحيثين الذين انسحبوا ليلاقوا جيش مصر في اليوم التالي دون تحقيق نصر حاسم من كلا الفريقين.
تمخض عن هذه المعركة اول معاهدة سلام في التاريخ في عام 1270ق.م

حقاً إنها تضحيات كثير بذلها اجدادنا لنحيا على هذه الارض في سلام.. فذهبوا هم لخلودهم.. وبيقنا نحن لنحمل اللواء...
والى اللقاء في الجزء الخامس، دمتم مصريين

21 توت 6256 الموافق 01 أكتوبر 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قال الاجداد "صم شفتيك.. وراقب يديك.. واكبح جماح قلبك"
اترك تعليقك وافتخر بمصريتك