مصر بيتنا

مصر بيتنا

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

أزهار اللوتس في مصر القديمة



ازهار اللوتس في مصر القديمة

يكتب:
ا.د/ عبد الحميد عزب
استاذ الأثار والحضار المصرية




عرف المصرى القديم العديد من النباتات التى كانت تنمو على جنبات النيل، ومناطق الأحراج إلى جانب نبات البردى ذو الزهرة ناقوسية الشكل الذى كان له دوراً كبيراً فى إقتصاد المصريين القدماء.
أبرز المصرى القديم أزهار اللوتس بأنواعها الثلاث من بين مختلف الأزهار التى عرفها، وقد جذبت إنتباهه لما كانت عليه من رقة وجمال وحسن منظر، وهى الأبيض، والأحمر، والأزرق.


أولاً:- كان أهمها على الإطلاق اللوتس الأبيض الذى أطلق عليه اسم " سشن "، ومنا سوشن، وشوشان بالعبرية، وسوسن بالعربية، وقد عرف اللوتس الأبيض فى وقت مبكر من عصر الأهرام حيث ظهر يزين مختلف القطع الآثرية، وضمن أكاليل الزهور فى المقابر المصرية، وقد عثر عليه يغطى بعض المومياوات المصرية ومنه على سبيل المثال مومياء " رمسيس الثانى "، وكان يرتبط به بزوغ المعبود " نفرتـم " بن المعبود بتاح فى ثالوث منف حيث بزغ من زهرة لوتس بيضاء فى المياه الأزلية، كما إرتبط اللوتس الأبيض بالبعث وبالإله رع ، حيث ذكرت نصوص الأهرام هذه الزهرة المقدسة ضمن بعض نصوصها قائلةً: " يشرق الملك مثل نفرتم، كزهرة لوتس بيضاء فى مياه الأبدية "


كان السبب وراء إرتباط اللوتس بالشمس هو إستجابة الزهرة لضوء الشمس حيث تنفرج مع شروق الشمس وتنغلق مع غروبها تماماً مثل ما نعرفه اليوم بزهرة دوار ( عباد ) الشمس.
كما توضح بعض النصوص أن مسألة " شم الزهرة " وتقريبها للأنف يعنى " إسـتنشاق رحيق الأبدية" كما هو مدون فى نصوص بعض المقابر، وفى متون بعض التوابيت.



ثانياً:- جاء أيضاً ذكر زهرة اللوتس الوردى واسمها " نخب "، و " نحب " ضمن نصوص عصر الدولة الحديثة وليس قبل ذلك، ولعل لون الزهرة كان لافتاً للأنظار.
يذكر هيردوت أن اللوتس الوردى والأزرق لهما ثمار توجد فى شكل كأس تشبه قرص العسل الخاص بالنحل، ويذكر " إسترابون " أيضاً أنه عرف باسم الفول المصرى وكان المصريين يستخدمون بذوره كالفول المصرى حالياً، وأيد المؤرخ " بلـينى " نفس الشىء، وكان له أشواك تتلافاها التماسيح فى مياه المناقع والأحراج.


ثالثاً:-  أطلق على اللوتس الأزرق أيضاً اسم " سربد "، و " سربتى "، و " سربت "، ومن المرجح أنه لم يكن فى أصله بأزرق اللون كما ذكرت فى بحثى المكون من حوالى 571 صفحة عن الأحراج فى مصر الفرعونية ضمن رسالة ماجستير غير منشورة بقسم الآثار جامعة طنطا، أن اللون لايزال موجوداً أمامنا فيما يعرف بنبات ورد النيل وهو بنفسجى وبما أن اسم هذا اللون غير معهود لدى المصرى القديم فأسماه أزرق وفقط.
تم تمثيل هذه الزهرة أسفل عرش أوزير فى مياه الأزلية داخل محكمة أوزير ( الموتى ) وقد بزغ منها أولاد حورس الأربعة وحماة أحشاء الموتى.


ملاحظات عامة:
=======
1- يلاحظ أن اللوتس زهرة مقدسة وارتبطت الى حد كبير بصعيد مصر وقوميته وأصبحت رمزاً له فى مقابل البردى رمز الشمال.
2- تأثر الفنان المصرى القديم برقة وجمال أزهار اللوتس فمثلها فى أساطينه وأعمدته كعنصر جمالى فى العمارة المصرية القديمة.
3- يوجد معبودات إرتبطت بأزهار اللوتس وهى:
أ- رع ، حيث مثلت رمزاً للبعث والتجلى فى فجر اليوم الجديد.
ب – نفرتم، حيث ولد وظهر من زهرة لوتس بيضاء، ولعلنا نتذكر هنا رأس الملك توت عنخ أمون الخشبية التى تصوره يخرج من زهرة لوتس مثل نفرتم من جديد.
جـ - أولاد حورس الأربعة الذين ولدوا من زهرة لوتس فى مياه الأبدية.
4- تم تمثيل زهرة اللوتس لأول مرة منذ عصر الأسرة الأولى حيث عثر بترى على أربعة أوانى خاصة بحفظ العطور فى منطقة أبيدوس تتخذ شكل تاج زهرة اللوتس.
5- دخل اللوتس ضمن تصنيع العطور فى مصر القديمة ، حيث كان يتم نقع الأزهر فى وضع مقلوب الشكل فى مادة دهنية للحصول على العطر المطلوب.
6- قلد المصرى القديم أزهار اللوتس ضمن أدوات التجميل حيث شكل مرايا، ومكاحل، وأطباق، وحلى، وصدريات، وأوانى بهيئة زهرة لوتس بديعة الشكل.
7- لك أن تعرف أخى القارىء أن المئزر الملكى " شنديت " الذى يرتديه الملك يقلد زهرة لوتس مقلوبة الوضع.
8- عرف المصرى القديم الفول ولكنه كان مختلفاً عن الفول الذى نأكله حالياً حيث كان يحصل عليه من بذور أزهار اللوتس صغيرة الحجم ، ثم يتم نقعه فى الماء حتى يتشرب ويمتلىء بالماء، ثم يتم تسويته وأحياناً شيه.

مع تحياتى إلى الماضى فإنه أجمل وأغلى ما فى حياتى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قال الاجداد "صم شفتيك.. وراقب يديك.. واكبح جماح قلبك"
اترك تعليقك وافتخر بمصريتك