مصر بيتنا

مصر بيتنا

الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

خلود العمارة المصرية


خلود العمارة المصرية
يكتب:
أ.د/ عبد الحميد عزب
استاذ الاثار والحضارة بجامعة طنطا


 اتبع المصرى القديم أسلوب معمارى خاص حتى يضمن بقاء عمارته .. وأرى أنه نجح إلى حد كبير فى ذلك فقد كان يشيد عمارته الدينية من الأحجار ، بينما شيد منازله من الطوب اللبن
يلاحظ أيضاً أن المصرى القديم اختار الأماكن الصخرية أو الجافة (الصحراء) حتى يتجنب تأثير الرطوبة والأملاح، وراعى بناء المعبد فى إتجاه معين لتلافى اتجاه الرياح المؤثرة ، فلم يكن على سبيل المثال شرقى غربى تماماً وإنما به شئ من الانحراف قليلاً ، كما يلاحظ كذلك إنشاء أسوار خارجية عادة ما تكون مبنية من الطوب اللبن محيطة بالعمارة الجنائزية لتلافى أى مؤثرات أو تعديات خارجية مباشرة 


أقام المصرى القديم معابده فوق مكان معد لذلك وهو بطبيعته أكثر ارتفاعاً من المناطق التى حوله ، ولكنها تختلف عن إقامة المعبد فوق ما يشبه المصطبة عند اليونان وهى التى تسمى " بوديوم " Podeium ويمكنا ملاحظة ذلك عند الصعود لمعبد حتشبسوت بالدير البحرى، فأنت فى معبد الدير البحرى ترتفع بطريقة هندسية رائعة أقتبسها المهندس سنمـوت الذى شيد المعبد من معبد قديم فى المنطقة يعود لأيام الدولة الوسطى، كما يلاحظ ذلك التدرج والإرتفاع أيضاً فى معبد سيتى الأول فى أبيدوس ، وذلك يساعد على حماية المعبد بطبيعة الحال.


عمل المصرى القديم على حماية أسقف المعابد من الأمطار، فقام بصنع ميل طفيف ، جهة ميازيب لصرف المياه التى قد تضر بالمعبد، وكان عدد الميازيب يطابق عدد البحيرات الموجودة شمال الدلتا وهذا هو الطريف فى الموضوع ( مريوط، والبرلس، والمنزلة، والبردويل، والتمساح، وقارون )، مع ملاحظة أن هناك معابد لابنطبق عليها هذا الوضع فبعضها كان به ثمان بحيرات والبعض الآخر أحدعشر، كما ابتكر المصرى القديم فكرة السقف المتدرج كما هو موجود داخل الأهرامات العظيمة ويعرف بالسقف المصـندق، أو المكربل، أو المتدرج، وهى ظاهرة معمارية رائعة أدت لعدم إنهيار غرف الدفن داخل الأهرامات المصرية، أيضاً يلاحظ أن المصرى القديم إبتكر الأقبية ( مفرد قبو ) وذلك حتى يضمن سلامة سقف البناء، وهذا ما توارثته الحضارات التالية فى العصر المسيحى والعصور الإسلامية.


يلاحظ كذلك وجود نسبة ميل فى جدران المصاطب والمعابد حتى يمكن مقاومتها لعوامل الرياح والأمطار، قبل أن يمكن تفسيرها بأى غرض دينى، وعلى الرغم من أهمية زخرفة الكورنيش والخيزرانة فى تجميل مداخل وحواف جدران المعابد ، إلا أنه يمكنا القول بأهميتها المعمارية فى حماية الحواف من التهشم.
حاول المصرى القديم أن يحمى المعبد من الأرواح الشريرة فقام بوضع تمثالين لأبى الهول عند المدخل، بالإضافة لتشييد برجين يمين ويسار الداخل للمعبد .


إن فكرة تدرج بناء المعبد ، وتحميل السقف على دعامات وأساطين كلها أدت لبقاء العمارة المصرية ، والتى لم تسلم من أخطار وتعديات البشر الذين قاموا بإعادة استخدام أحجارها فى تشييد الأديرة والهياكل كما هو الحال فى الدير الأبيض بالبر الشرقى فى منطقة أخميم و أيضاً منطقة الشيخ حمد ( أدريبا ) بمحافظة سوهاج .
بينما قام البعض الآخر بتدمير تلك الآثار بسبب عداء سياسى مثل الفرس، أو تدميرها باعتبارها نوع من آثار الوثنية مثل المسيحيون والمسلمون معاً ، وهذا كله كان العائق الرئيسى أمام خلود وبقاء العمارة المصرية، كما يمكن القول أن البناء العلوى للمقبرة المصرية كان من أهم أسباب تدميرها أو سرقتها لأنه كان بمثابة إشهار أو إعلان عن وجود قبر بأسفله، ويلاحظ أن سبب حماية مقبرة توت عنخ أمون كان بسبب وجود مقبرة أخرى فوقها فى وادى الملوك حتى أن اللصوص لم يتخيلوا وجود مقبرة توت عنخ أمون أسفل منها، ورغم كل هذا بقيت العمارة المصرية خالدة تتحدى الإنسان والطبيعة.
وحتى لقاء قادم بإذن الله .. تحياتى لحضراتكم

مع تحياتى إلى الماضى فإنه أجمل وأغلى ما فى حياتى

(ايمحتب) ابو الهندسة واول من بنى مبنى من الاحجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قال الاجداد "صم شفتيك.. وراقب يديك.. واكبح جماح قلبك"
اترك تعليقك وافتخر بمصريتك