ملاحظات على منظر دخول الأسيويين
مصر فى مقبرة (خنوم حتب)
يكتب:
أ.د عبدالحميد عزب
أستاذ الاثار والحضارة المصرية
القديمة
يعد منظر تصوير الأسيويين على
الجدار الشمالى من مقبرة (خنوم حتب الثانى) فى منطقة مقابر بنى حسن الشروق بالمنيا
التى كانت تتبع الأقليم السادس عشر من أقاليم الوجه القبلى فى مصر القديمة من أهم
الأدلة الآثرية المتاحة التى تعود الى عصر الدولة الوسطى والتى يمكن لأى باحث أن
يستدل منها على أمور تاريخية وحضارية معينة.
يمثل المنظر قافلة أو قبيلة من
سبعة وثلاثين شخصاً مابين رجال ونساء وأطفال، يتقدمهم رئيسهم كما كتب أمام رأسه
بالمصرية "حكا خاست" بمعنى " حاكم البلد الأجنبى "والتى أصبحت
فيما بعد فى صيغة الجمع "حكاو خاسوت" بمعنى "حكام البلدان
الأجنبية" أو "الهكسوس"ويعتبر هذا المنظر مستنداً واضحاً يمثل
بدايات دخولهم وتسلطهم على حكم مصر بصورة تدريجية ثم أصبحت غالبة وطاغية فيما بعد
عصر الدولة الوسطى.
إعتمد البعض على شكل ملابسهم
المبرقشة بخطوط أو مربعات رأسية أو طولية بأنهم من الأموريين (الشعب السامى الأول
الذى هاجر من نجد فى قلب الجزيرة العربية إلى الأقليم السورى) ولكن هذا الرأى غير
مقبول لعدم تقديم شروح تفسر وتؤكد ذلك.
لقد أقبلت قافلة الأسيويين إلى
مصر كما يوضح النص هنا من أجل جلب الكحل (مسجمت) يقول النص:
"الكحل الذى جلب من أجله (بواسطة)
سبعة وثلاثين من العامو (الآسيويين) "لقد حمل أحدهم آلة موسيقية وترية وهى
الطنبور (صورة مصغرة من الجنك الكتفى) والبعض الآخر حمل الأقواس والسهام وبدون شك
فإن لحاهم الكثيفة وشكل الشعر على الرءوس
يدل على أصلهم الآسيوى.
أبينا إبراهـيم وعصر الدولة
الوسطى:
لقد جاء أبينا ابراهيم إلى مصر على الأرجح خلال عصر الدولة الوسطى من حيث
كان يقيم فى أرض فلسطين يطلب فيها الزاد والرغد والباحة فى العيش من بلاد ضربها
القحط والجفاف كما يقول المرحوم الاستاذ الدكتور أحمد عبد الحميد يوسف فى كتابه
"مصر فى القرآن والسنة" لدار المعارف 1989م.
أكبر الظن أن إبراهيم جاء الى مصر مع إحدى قبائل البدو تماماً مثل تلك
المصورة فى مقبرة (خنم حتب الثانى) بمنطقة بنى حسن ولم يكن قدومه مصر سوى فى عصر
إستقرار كعصر الدولة الوسطى لا قبلها فى عصر الثورة والفوضى الإجتماعية الأولى،
ولم يكن بعدها فى عصر الهكسوس، بمعنى أن هذه القافلة صورة مصغرة لتخيل الشكل العام
الذى عليه حضر أبينا إبراهيم إلى مصر فى رأى أغلب العلماء خلال عصر الدولة الوسطى
وربما عصر الشريف (خنم حتب الثانى) نفسه
نستنتج من هذا المنظر بعض الأمور وهى:
1- وجود علاقات رسمية أو دولية طيبة بين مصر وآسيا وبناء عليه تم السماح
بدخول قوافل آسيوية من البوابة الشمالية الشرقية (سيناء) خاصة فى عصر الدولة
الوسطى التى كانت قد أحكمت مراقبتها وقبضتها على الحدود.
2- أن هذا المنظر يمثل وفداً ربما رسمياً جاء إلى مصر، يعد البدايات الأولى
التى تصور دخول فلول الهكسوس إلى أرض مصر عبر سيناء.
3- يساعدنا هذا المنظر فى تحرى وتخيل الشكل العام الذى حضر عليه أو فيما
يماثله أبو الأنبياء إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام إلى أرض مصر، وذلك من حيث شكل الملبس وهيئة الشعر، والأدوات التى
يمسكونها ومنها آلة الطنبور التى كان يتم العزف عليها لكسر ملل طول طريق السفر.
4- يوضح المنظر أن الكحل كان أهم ما كان يتم جلبه إلى مصر من آسيا.
5- يوضح مدى إعجاب الشريف "خنم حتب" بمنظر دخول قافلة الأسيويين
ولولا أهميته ما وافق الفنان على تصويره على الجدار الشمالى داخل قبره، ويلاحظ أن
التصوير جاء على الجدار الشمالى بما يناسب الواقع الجغرافى للأقليم السورى فى
الشمال بالنسبة لأرض مصر.
وحتى يحين اللقاء تقبلوا تحياتى
مع تحياتى إلى الماضى فإنه أجمل وأغلى ما فى حياتى
تابعونا على صفحة مصر بيتنا على فيسبوك
وعلى الرابط التالي: