مصر بيتنا

مصر بيتنا

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

شارع الصليبة وأهم آثاره - الجزء الثاني

شارع الصليبة وأهم آثاره - ج2
مسجد لاجين السيفى  (857 هـ)
يكتب: الشيماء المهدي
مفتشة اثار بإدارة تعديات وسط الدلتا

أنشأ هذا المسجد الأمير لاجين حسام الدين الجركسى الجنس الذي اشتراه الملك الظاهر برقوق ومن ثم فقد أضيف إلى اسمه الظاهرى وصار من جملة مماليكه .
ويعتبر مسجد لاجين من المساجد القليلة النادرة التى بنيت في عصر المماليك الجراكسة على غرار المساجد ذات الأروقة بدلا من الإيوانات الذى انتشر فى بناء المدارس منذ العصر الأيوبي
تقع واجهته الرئيسية فى الضلع الجنوبى الغربى للجامع ، وقد اندثر جزء كبير منها ولم يبق إلا الجانب الأيمن من المدخل الرئيسى ،ويشغل هذه الواجهة حنيتان كبيرتان مسطحتان  يفصل بينهما بروز. ويشغل كل حنية صفان من النوافذ ، الصف السفلى ويتكون من نافذتين مستطيلتين يعلو كل منهما عتب مكون من صنجات معشقة غاية فى الإبداع ، ويعلوه عقد عاتق والنافذتان مملوءتان بمصبعات حديدية. ويتكون الصف العلوى كذلك من نافذاتين معقودتين ملئتا من الداخل بجص معشق بزجاج اندثر معظمه الآن. ويتوج الحنية التى ترتفع بارتفاع الواجهة أربعة صفوف من الدلايات فى وضع زخرفى بديع ، وينتهى هذا الجزء من الواجهة بجدار خلو من الزخرف يكون الركن الجنوبى الشرقى من المسجد.أما الجزء الأيسر من الواجهة فقد اندثر


اما المدخل الرئيسي فيبلغ عرضه (3.40) من المتر وعمقه (1.42) من المتر وكان يشغل هذا العمق مكسلتان أصبحتا الآن مساويتان لمستوى الشارع الذى ارتفع الأن بمقدار متر تقريبا مما أدى إلى النزول درجتين عن مستوى الشارع للدخول إلى المسجد وعلى بعد (مدماكين) من المكسلتين يوجد بحرين كانت بهما الكتابات التأسيسية التى اندثرت معظمها الآن

ويتوسط حنية المدخل باب يبلغ عرضه متران يعلوه عتب مكون من صنجات معشقة يحتضنه إطار من زخارف قالبية بارزة. وفوق العتب يوجد عقد عاتق مكون كذلك من صنجات معشقة وعلى جانبيه مستطيلان بهما زخارف نباتية بأسلوب (الأرابسك) محفورة فى الحجر. ويعلو العقد وفى منتصف حنية المدخل توجد دخلة صغيرة يتوسطها نافذة مربعة مملوءة بمصبعات حديدية ، والحنية يكتنفها عمودان مندمجان ويتوجها أربعة صفوف من الدلايات فى وضع هندسى بديع

وتنتهى حنية المدخل من أعلى بعقد ذى ثلاثة فصوص يزخرف الفص الأوسط منه زخارف على شكل مثلثات هندسية بالأبلق أما الفصان الاخران فقد ملئا بست صفوف من الدلايات. ويحيط بالمدخل كله إطار مستطيل بزخارف قالبية بارزة منحوتة بالحجر ينتهى بانتهاء أعلى الواجهة تقريبا

والمئذنة تقوم على الجانب الأيمن للمدخل الرئيسى للمسجد. وتتكون المئذنة من قاعدة كبيرة مربعة الشكل بها باب معقود يؤدى إلى درج المئذنة. ويأتى فوق القاعدة الطابق الأول وهو مثمن الشكل زخرف كل ضلع منه بحنية تعلوها عقد ذو زاوية ، فتحت فى أربعة منها نوافذ ضيقة للإضاءة يتقدمها شرفة ترتكز على ثلاثة صفوف من الدلايات. ويعلو الطابق الأول شريط سقطت كل الكتابة التى كانت به. ويعلو الطابق شرفة مثمنة يحيط بالمئذنة تفصل بين الطابق الأول والثانى ترتكز على أربعة صفوف من الدلايات وتحيط بها الآن ساتر خشبى مخرم أما الطابق الثانى الموجود الآن بالمئذنة والذى ينتهى بشكل مخروطى على شكل القلم الرصاص فهو تجديد فى العصر المملوكى ، ومن المرجح أن المئذنة كانت تحتوى على ثلاثة طوابق ، الثانى مستدير الشكل والثالث مكون من ثمان أعمدة وينتهى بخوذة يعلوها الهلال كما هى القاعدة فى مآذن عصر المماليك الجراكسة

هذا ويعتبر مسجد الأمير لاجين السيفى من المساجد الصغيرة الحجم حيث يتكون المسجد من صحن مكشوف يتوسطه تنخفض أرضيته فى باقى الأروقة ، ويحيط به الأروقة من جميع الجهات.رواق القبله هو أكبر الأروقة يقسمه صفان من البوائك إلى رواقين موازين لحائط القبلة وتتكون كل بائكة من أربعة أعمدة مختلفة الأشكال والتيجان. والبائكة المطلة على الصحن يعلوها جدار يرتفع بارتفاع واجهة المسجد ويزخرفه شرفات على شكل ورقة ثلاثية


اما الرواق الشمالى الغربى فهو المواجه لرواق القبلة وهو يشبه رواق القبلة من حيث عدد أعمدة البوائك وعدد العقود وشكلها وسعتها، إلا أنه يحتوى على رواق واحد

تقبلوا تحياتي والى لقاء والجزء الثالث

مقدمة لديانة قدماء المصريين


مقدمة لديانة قدماء المصريين
يكتب:
أ.د/ عبدالحميد عزب
استاذ الاثار والحضارة المصرية القديمة


تتسم الأديان بصفة عامة بالتعقيد وبخاصة الديانة المصرية القديمة ويرجع ذلك لتغلغل الدين فى كل مظاهر الحياة ، وتشكيله لها، وعلى الرغم من كثرة الدراسات الدينية إلا أننا لا نجد معلومات كافيه أو قاطعة عن معظم التفصيلات الدقيقة فى الديانة المصرية القديمة، ولا زال الكثير من هذه الآراء  مجرد اجتهادات من الباحثين

يرى البعض أن المصريين القدماء لم يعرفوا كلمة محددة للدين ، على أساس أنه لم يخطر فى أذهانهم أن ينفصل الدين والدولة، أي أن مصر الفرعونية لم تكن تعرف ما نسميه حالياً بالدولة العلمانية هذا إن كان يمكنا استخدام هذا المعنى،  وهذا يعنى أن الدين كان يسيطر على كل شئ لأن المصرى القديم وجد فيه محاولة لتفسير كل الغموض والظواهر الغريبة المحيطة به ، كما كان مجالاً للخيال والاسطورة

وكلمة دين تعنى الطاعة والتعبد لله ، والجمع منها أديان، وكلمة ديان من أسماء الله سبحانه و تعالى وتعنى الحكم أو القاضي أو القهار.
نتناول هنا سمات الديانة المصرية القديمة أو الفكر الدينى والأساطير لدى المصرى القديم فى خلق الكون ونسج الأساطير حول مختلف المعبودات المصرية وكيفية تفاعله مع تلك المعبودات التى أوجدت من البيئة المصرية القديمة سواء كانت حيوانات أو طيور أو حشرات أو غير ذلك ، والتى أختلف العلماء فى تفسيرها وإيضاح أسباب الاعتقاد فى قواها الخارقة



كان الخيال موجوداً بالفعل فى ذهن الكاهن المصرى الذى يقوم باختلاق مثل هذه الصور الدينية والأسطورية، فقد قام بتجسيد الصفات والفكر، فمثلا جسد العدالة (ماعت) فى صورة امرأة تحمل فوق رأسها ريشة، وكان يعتقد أن الرمز يتناسب مع الشىء الذى يرمز إليه بحيث يصبح الواحد بديل الآخر، وقد حاول فى تصوره الأسطوري أن يرجع الأحداث أو نتائج بعض الأحداث إلى العالم الإلهى، الذى لا يمكن إدراكه بالحواس ولو كان موجودا أمامه، ومن هنا حاول المصرى القديم تفسير الأجرام الطبيعية كالسماء والشمس والقمر والنجوم بأنها تنتمى إلي عالم الآلهة وهو العالم الذى يكتنفه الغموض، ومن هنا لجأ إلي التعبير عنه بالرموز

آمن المصرى القديم بخمسة عناصر مقدسة، قامت عليها حضارته وهى:-

1- الكا أو القرين.. ومثلت بشكل ذراعين ممدودتين الى أعلى، وتمثل قرين الإنسان الذى يشبهه تماما ويلازمه فى الحياة الدنيا وفى الآخرة، فيقدم له المساعدات وغير ذلك.



2- البا أو الروح.. ومثلت فى صورة مركبه من جسد طائر براس أدميه، وهى أما صالحه أو طالحة ، فان كانت صالحه فمصيرها الجنة التى هى عندهم كالدنيا من حيث المأكل والمشرب والأولاد ولكنها تخالف الدنيا بأنها باقيه خالدة ، وكان الإنسان الصالح الذى يحصل على لقب " ماع خرو " (مرحوم = مبرأ) بأمر المعبود أوزير، يقدم له قرابين الطعام والشراب، ويعطى ثيابا من الكتان ويرد له قلبه ويجلس يمينه فى الفردوس السماوى


إذن فالجنة حسية كما هو واضح من النصوص المصرية القديمة، وذلك التصور للنعيم تختلف صوره، فبعض النصوص توضحه قاصراً على الطعام والشراب، وبعضها توضحه فى صورة الحرية والقيام بالزرع والحصاد، وبعضها تصوره فى دخول وخروج المتوفى من العالم السفلى وسكناه لحقول فى العالم الآخر تسمى الغاب (إيـارو) ومكانها هو الجنـة، ولكن من الواضح لنا اختلاف المصريين فى تحديد مكان الجنة ، ففى عصر الدولتين القديمة والوسطى قيل أنها تحت الأرض أو خلف الجبل الغربى حيث مغرب الشمس، ثم ظهرت أيضاً مذاهب أخرى بعد ذلك و إذا كانت الروح طالحة فينطق المعبود أو زير بالحكم عليها بالعذاب والفناء الأبدى.


3- الغات أو الجثة.. وهى صورة الإنسان المادية التى حاول بكل الوسائل الحفاظ عليها من البلاء  ومن هنا كان التحنيط


4- الشوت أو الظل.. وله فلسفه تشبه فلسفة القرين فالظل يلازم صاحبه إلى النهاية حتى يسكن بسكناه القبر 


5-     الرن ـ نفر.. لا يقصد به أبداً "الاسم الجميل"، وإنما يعنى"السيرة الطيبة" أوبمعنى " العمل الصالح"  الذى يعمله الإنسان فى حياته ثم ينقطع بوفاته 


يمكن القول أنه من أراد التمسك بقواعد البحث العلمى الدقيق هنا فعليه أن يدرس كل العناصر الدينية المختلفة فى طقوس المصريين القدماء بما فيها من معبودات وكائنات وعادات وهذا يعنى كتابة مراجع لا حصر لها ، أما من لا يسير على هذا المنهج فعليه التدقيق فى مظاهر هذه الديانة طوال تاريخها من حيث تصور المصرى القديم لآلهته البدائية، ثم كيفية بنائه للمعابد، ثم التحول إلى الوحدانية وغير ذلك من أفكار وفلسفات.

تقبلوا تحياتى حتى لقاء قادم بإذن الله
مع تحياتى إلى الماضى فإنه أجمل وأغلى ما فى حياتى

الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

خلود العمارة المصرية


خلود العمارة المصرية
يكتب:
أ.د/ عبد الحميد عزب
استاذ الاثار والحضارة بجامعة طنطا


 اتبع المصرى القديم أسلوب معمارى خاص حتى يضمن بقاء عمارته .. وأرى أنه نجح إلى حد كبير فى ذلك فقد كان يشيد عمارته الدينية من الأحجار ، بينما شيد منازله من الطوب اللبن
يلاحظ أيضاً أن المصرى القديم اختار الأماكن الصخرية أو الجافة (الصحراء) حتى يتجنب تأثير الرطوبة والأملاح، وراعى بناء المعبد فى إتجاه معين لتلافى اتجاه الرياح المؤثرة ، فلم يكن على سبيل المثال شرقى غربى تماماً وإنما به شئ من الانحراف قليلاً ، كما يلاحظ كذلك إنشاء أسوار خارجية عادة ما تكون مبنية من الطوب اللبن محيطة بالعمارة الجنائزية لتلافى أى مؤثرات أو تعديات خارجية مباشرة 


أقام المصرى القديم معابده فوق مكان معد لذلك وهو بطبيعته أكثر ارتفاعاً من المناطق التى حوله ، ولكنها تختلف عن إقامة المعبد فوق ما يشبه المصطبة عند اليونان وهى التى تسمى " بوديوم " Podeium ويمكنا ملاحظة ذلك عند الصعود لمعبد حتشبسوت بالدير البحرى، فأنت فى معبد الدير البحرى ترتفع بطريقة هندسية رائعة أقتبسها المهندس سنمـوت الذى شيد المعبد من معبد قديم فى المنطقة يعود لأيام الدولة الوسطى، كما يلاحظ ذلك التدرج والإرتفاع أيضاً فى معبد سيتى الأول فى أبيدوس ، وذلك يساعد على حماية المعبد بطبيعة الحال.


عمل المصرى القديم على حماية أسقف المعابد من الأمطار، فقام بصنع ميل طفيف ، جهة ميازيب لصرف المياه التى قد تضر بالمعبد، وكان عدد الميازيب يطابق عدد البحيرات الموجودة شمال الدلتا وهذا هو الطريف فى الموضوع ( مريوط، والبرلس، والمنزلة، والبردويل، والتمساح، وقارون )، مع ملاحظة أن هناك معابد لابنطبق عليها هذا الوضع فبعضها كان به ثمان بحيرات والبعض الآخر أحدعشر، كما ابتكر المصرى القديم فكرة السقف المتدرج كما هو موجود داخل الأهرامات العظيمة ويعرف بالسقف المصـندق، أو المكربل، أو المتدرج، وهى ظاهرة معمارية رائعة أدت لعدم إنهيار غرف الدفن داخل الأهرامات المصرية، أيضاً يلاحظ أن المصرى القديم إبتكر الأقبية ( مفرد قبو ) وذلك حتى يضمن سلامة سقف البناء، وهذا ما توارثته الحضارات التالية فى العصر المسيحى والعصور الإسلامية.


يلاحظ كذلك وجود نسبة ميل فى جدران المصاطب والمعابد حتى يمكن مقاومتها لعوامل الرياح والأمطار، قبل أن يمكن تفسيرها بأى غرض دينى، وعلى الرغم من أهمية زخرفة الكورنيش والخيزرانة فى تجميل مداخل وحواف جدران المعابد ، إلا أنه يمكنا القول بأهميتها المعمارية فى حماية الحواف من التهشم.
حاول المصرى القديم أن يحمى المعبد من الأرواح الشريرة فقام بوضع تمثالين لأبى الهول عند المدخل، بالإضافة لتشييد برجين يمين ويسار الداخل للمعبد .


إن فكرة تدرج بناء المعبد ، وتحميل السقف على دعامات وأساطين كلها أدت لبقاء العمارة المصرية ، والتى لم تسلم من أخطار وتعديات البشر الذين قاموا بإعادة استخدام أحجارها فى تشييد الأديرة والهياكل كما هو الحال فى الدير الأبيض بالبر الشرقى فى منطقة أخميم و أيضاً منطقة الشيخ حمد ( أدريبا ) بمحافظة سوهاج .
بينما قام البعض الآخر بتدمير تلك الآثار بسبب عداء سياسى مثل الفرس، أو تدميرها باعتبارها نوع من آثار الوثنية مثل المسيحيون والمسلمون معاً ، وهذا كله كان العائق الرئيسى أمام خلود وبقاء العمارة المصرية، كما يمكن القول أن البناء العلوى للمقبرة المصرية كان من أهم أسباب تدميرها أو سرقتها لأنه كان بمثابة إشهار أو إعلان عن وجود قبر بأسفله، ويلاحظ أن سبب حماية مقبرة توت عنخ أمون كان بسبب وجود مقبرة أخرى فوقها فى وادى الملوك حتى أن اللصوص لم يتخيلوا وجود مقبرة توت عنخ أمون أسفل منها، ورغم كل هذا بقيت العمارة المصرية خالدة تتحدى الإنسان والطبيعة.
وحتى لقاء قادم بإذن الله .. تحياتى لحضراتكم

مع تحياتى إلى الماضى فإنه أجمل وأغلى ما فى حياتى

(ايمحتب) ابو الهندسة واول من بنى مبنى من الاحجار

الاثنين، 22 سبتمبر 2014

شارع الصليبة وأهم آثاره - الجزء الاول

شارع الصليبة وأهم آثاره - ج1
يكتب:
الشيماء المهدي
مفتشة آثار بإدارة تعديات وسط الدلتا


ليس أفصح من وصف أحجاره إلا أحجاره ، و ليس أمتع من مشاهدة معالمه إلا معالمه تسير فيه فتحس بأن المماليك معك .. لا يفارقونك  و من خلفهم أحمد بن طولون أميرٌ على المكان كله ..

يبدأ الشارع من ميدان السيدة زينب المبارك  حيث يُعرف أوله بشارع عبد المجيد اللبان (مراسينا سابقاً)  حينما تدخله لا تشتم إلا عبق التاريخ  تشعر أن أرواح المماليك تحيط المكان .. وبعد قليل من السير تجد عن يسارك مسجد الأمير لاجين السيفي بمئذنته القصيرة الوديعة ،بناه الأمير لاجين السيفي المملوكي سنة 853هـ  و كأنه خفيرٌ على الشارع يقول لك : (انتبه ، إن بعدي مما هو أعظم مني ما يفوق خيالك...)

وبالفعل لا تسير أمتاراً أخرى حتى تجد أثراً شامخاً من أعظم آثار القاهرة  هو مسجد و خانقاه الأميرين سلار الناصري و سنجر الجاولي بمئذنته الشامخة الوقورة و قبتيه العظيميتين  و قد بناه الأمير سلار الناصري سنة 703هـ  و هو من المساجد المعلقة  إذ يرتفع مدخله عن الشارع بنحو ثلاثة أمتارٍ و نصف المتر  كما تتميز قبتاه بالكتابات الكوفية البديعة.


وتظل سائراً في الشارع الزاخر .. لترى عن يمبنك أثراً لا يقل عظمة و شموخاً عن سالفه  ألا  وهو مسجد  ومدرسة الأمير صرغتمش .. الذي أنشأه الأمير سيف الدين صرغتمش الناصري المملوكي سنة 757هـ  ليكون مسجداً و مدرسة للحديث و الفقه الحنفي.

وما أن تخرج من مسجد الأمير صرغتمش و تتجه يميناً حتى ترى القلعة الإسلامية الضخمة الجاثمة خلفه  وهي جامع أحمد ابن طولون شيخ جوامع القاهرة و عُرف الجامع بهذا اللقب لأنه أقدم جامع قاهري احتفظ بتصميمه الأصلي دون تغيير ، على عكس جامع عمرو بن العاص الذي محت التجديدات معالمه الأصلية.

و يجاور جامع أحمد ابن طولون بيت عثماني يُعرف ببيت الكريدلية ويُستخدم حالياً متحفاً أثرياً تُعرض فيه المجموعة الأثرية الخاصة بالأثري الإنجليزي جاير أندرسون.

 نكمل رحلتنا في الشارع العتيق لنقابل عن يسارنا مسجد المؤرخ الشهير ابن تغري بردي صاحب الموسوعتين التاريخيتين الخالدتين (النجوم الزاهرة في تاريخ مصر و القاهرة) و ( المنهل الصافي و المستوفي بعد الوافي (.. وقد أنشأ ابن تغري بردي مسجده هذا سنة 844هـ  وتوفي سنة 872  و المسجد بديع ذو مئذنة باسقة   و هو من الداخل صغير نسبياً  لكنه جميل التقسيم.

ويظل الركب سائراً في شارع الصليبة حتى سبيل أم عباس حيث يقاطعه امتداد شارع المعز  شارع السيوفية إلى الحلمية شمالاً  وشارع الخليفة إلى السيدة سكينة جنوباً  وعلى ناصيتي الشارعين  يتقابل مسجدا الأمير شيخون العمري كأحسن ما تكون المقابلة  و أوفق ما تبدو المواجهة  ثم يشاهد السائر بعد ذلك مسجد قانيباي المحمدي  و هو مسجد جميل أنشأه الأمير قانيباي المحمدي سنة 816هـ .

و يحتضن الشارع العتيق بعد ذلك سبيل السلطان قايتباي884هـ الذي تحول إلى مركز للحضارة الإسلامية  وهو ختام سلسلة الآثار الشامخة التي يحويها الشارع  فإن هي إلا أمتارٌ قليلة و يصب الشارع في ميدان القلعة ...




و الى لقاء قريب مع اول اثار شارع الصليبة  .. مسجد لاجين السيفي
انتظروني



الجمعة، 19 سبتمبر 2014

الفيلم التسجيلي ملك مصر المقاتل تحتمس الثالث

فيلم السهرة ... 
مع نابليون مصر ... تحتمس الثالث
الملك المصري ذي المومياء المبتسمة 
الملك الذي لم يخسر جيشه اي معركة خاضها
باني امبراطورية مصر من نهر الفرات وحتى بلاد النوبة العليا
تعالوا نتفرج على الفيلم...



الخميس، 18 سبتمبر 2014

معارك حاسمات - الجزء الثالث



معارك حاسمات – ج3

يكتب:
محمود فرحات
باحث في علم المصريات ، عضو جمعية الاثار





في حياة الامم والشعوب ايام خالدات وفي حياة الأمة المصرية ايام مشرفة لشعبها وجيشها العظيم 

معركة مجدو

في عام 1468 ق.م توفيت ملكة مصر حتشبسوت وخلفها في الحكم تحتمس الثالث فحكم مصر 32 عاماً قاد خلالها 16 حملة عسكرية لتوطيد سلطان مصر ونفوذها في كل أنحاء المعمورة المعروفة آنذاك ..حيث تدهور نفوذ مصر خلال فترة حكم عمته حاتشبسوت وبدأ بعض الزعماء في الاستقلال بولايتهم عندما وجدوا رخاوة قبضة مصر على اقاليمهم خلال عهد حاتشبسوت

 لم يعرف جيش مصر خلال حكم تحتمس الثالث طعم الهزيمة .. حيث يعتبر من أعظم ملوك مصر القديمة وأقدر قوادها العسكريين والسياسيين، ومن أشهر المعارك التي ارتبط بها اسمه معركة " مجدو"
نعرف احداث هذه المعركة من جدران معبدة بالكرنك بعد ان تم نقل اجزاء منها من لفافات البردي حيث كان تحتمس هو اول من اصطحب معة كتاباً ليأرخوا ويكتبوا احداث المعارك وتخبرنا الاحجار ان هذه المعركة كانت في العام الثاني والعشرين من حكمة (اي العام الاول لحكم تحتمس الثالث الفعلي)
فلقد غادر الملك العظيم وجيشة حصن (ثارو-على مقربة من القنطرة الان) عام 1468 ق. م الى فلسطين فوصل الى (غزة) بعد 9 ايام، ولم يضيع وقت فقد واصل المسير الى بلده تدعى (يحم) بعد 11 يوم حيث لم يلق الجيش المصري اي مقاومة، وفي تلك البلد شهدت الدنيا عمل اول جهاز مخابرات في الدنيا حيث ارسل تحتمس الثالث عيون له في قلب جيش الاعداء لينقلوا لجيش مصر ما يدور بمعسكر الاعداء حيث عرف مكان تمركز ما يقرب من 330 من زعماء فلسطين وسوريا في منطقة (مجدو) او (تل الستلم – شمال شرق جبل الكرمل)


وكذلك عرف ان هناك ثلاثه طرق تؤدي الى منطقة تمركز جيش الاعداء، فقام تحتمس الثالث بعقد مجلس حرب مع كبار قواده ليستشيرهم ويسمع نصيحتهم لعبور الجيش بسلام الى ارض المعركة ومفاجأتهم
كان من بين الطرق طريقين يؤديان لارض المعركة بسهولة وطريق آخر وعر وبه خطر شديد لكنه سيكون غير متوقع للعدو يدعى (عرونا) وهذا ما استقر علية الرأي ليسلكة جيش مصر العظيم لملاقاة جيش الاعداء
تصف لنا البرديات ان طريق (عرونا) كان طريق ضيق ولايسع الا لمرور الجنود جندي جندي فتقدمهم تحتمس وخرج على رأس جيشه، وتجمع الجيش بعد مرور ذلك الطريق الوعر في منطقة (وادي قينا)
وفي فجر اليوم التالي هجم جيش مصر على عدوهم كالاسود حينما تفاجأ فريستها.. ولم يجد العدو الا ان يترك معسكراته ومعداته ويهرب ويدخل الى مدينة (مجدو) المحصنه حيث دخلوا اليها واغلقوا ابوابها واعتلوا اسوارها ليدافعوا عنها
فضرب تحتمس وجيشة المظفر الحصار على المدينة لمدة 7 اشهر حتى استسلمت المدينة وقدم جميع الزعماء الخائنين الى ملك مصر كأسرى حرب

وبعد ذلك اتجه تحتمس بجيشةالى الشمال ففتح ثلاثة مدن اخرى بلا عناء وهى مدن (ينعم – قرب طبرية) و(نجاسا – بالقرب من حلب) و(حرتكر – لم يعرف مكانها على وجه الدقة حتى الان)
خاض تحتمس بعد تلك الحملة 16 حملة عسكرية كلها كانت ناجحه في تحقيق اهدافها في تأمين حدود مصر وامنها القومي حيث اسس تحتمس الثالث الامبراطورية الاولى والتي بلغت حدودها جنوب تركيا وساحا الفرات شمالا  ونباتا عاصمة بلاد النوبة العليا جنوبا بالاضافة لعدد من جزر البحر المتوسط دخلت ضمن مملكة تحتمس الثالث بفضل جيش واسطول مصر القويان
حقاً إنها تضحيات كثير بذلها اجدادنا لنحيا على هذه الارض في سلام.. فذهبوا هم لخلودهم.. وبيقنا نحن لنحمل اللواء...
والى اللقاء في الجزء الرابع، دمتم مصريين
7 توت 6256الموافق 17 سبتمبر 2014


خريطة لامبراطورية مصر الاولى في عهد الملك العظيم تحتمس الثالث